ألعاب.. مجلات ورسم

في طفولتي كان تعلقي بالتلفزيون شديداً
لم تكن هناك قنوات متنوعة فقط كان هناك قناة واحدة أصبحت اثنتين لاحقاً
وحتى البث لم يكن متواصلاً حيث كان يبدأ في الرابعة عصراًُ مع وجود فترة صباحية لا تزيد عن ساعتين فقط
لكن رغم ذلك لم أكن أفارق التلفزيون

ظروف كثيرة ساهمت في ذلك
في طفولتي عانيت كثيراً من الوحدة
مرضت في طفولتي مما جعل والدي يخافان علي بشدة فلم يكن خروجي للعب خارج البيت متاحاً
أخي الأكبر كان يفصلني عنه أربع سنوات وكان كثير الخروج للعب الكرة أو ركوب الدراجة في الشارع وهو أمر كنت محروماً منه
فأبقى في البيت مع شقيقاتي الثلاث
كنت أشاركهن ألعابهن في البداية لكني فيما بعد أصبحت أتجنب ذلك حتى لا أتعرض لانتقاد اقرأني الأولاد من معارفنا
التلفزيون كان متنفساً لي
وكنت سريع الحفظ وأجيد التقليد وكان ذلك مثار ضحك الكبار دائماً

أيضاً كنت اخترع العاب العبها لوحدي حيث اجمع ألعابي من طائرات وسيارات ودمى واصيغ منها قصص مغامرات هم إبطالها وأنا المخرج والمؤلف والمشاهد الوحيد لها
وكلها مستمدة مما أشاهده في التلفزيون

فيما بعد أكتشفت القراءة
كانت مجلات ماجد وسعد وميكي هي بدايتي
أحببت شخصيات كسلان جدا من مجلة ماجد ومغامرات تان تان من مجلة سعد أما شخصية بطوط فكانت المفضلة لدي في مجلة ميكي
كنت اشتري المجلات عصر كل أربعاء لأقرأها آخر الأسبوع
وأكون وقتها قد جمعت مبلغ عشرة ريالات انفقها كلها على المجلات (ماجد بثلاث ريالات وسعد بريال واحد وهما مجلتان أساسيتان اما ميكي فكانت أما بريالين للعدد العادي أو أربع ريالات لعدد سوبر ميكي وقد انفق باقي المبلغ على مجلات أخرى متنوعة ليست الأساسية لدي)
في البداية وجدت تشجيعاً من أهلي ثم اصبحو يتضايقون من ازدحام البيت بالمجلات

جدتي – رحمها الله– كانت تتضايق وتقول أن البيت الذي فيه صور لا تدخله الملائكة
وكانت تعتقد أن الرسوم المتحركة في التلفزيون هم من الجن

وأحيانا كانت إذا مرت ووجدت الكرتون يعرض بالتلفزيون تبصق عليهم
رغم ذلك كانت تناديني دائما لمشاهدة الكرتون

كنت في بعض المرات اجلس لأقرأ عليها الصفحات الإسلامية من مجلة ماجد وكانت تنصت لي وتقبلني حين انتهي من القراءة
وفي بعض المرات كانت جدتي تشاهدني وأنا أقرأ احد الغاز المغامرين الخمسة
فتأخذ العدد مني وتقلبه وتشاهد أن صفحاته تخلو معظمها من الصور فأجدها أيضاً تقبلني وتذهب
ربما تعتقد انه كتاب ديني أو ما شابه

كنت أحب الاستماع للحكايات التي تحكيها جدتي
وكانت لها حكايات معروفة أطلب دائماً أن تحكيها لي
ورغم اني استمعت لها عشرات أو مئات المرات إلا أني اطلب منها تكرارها
كان لها أسلوباً مميزاً في القص ولزمات معروفة تجعل للقصة من فمها مذاق مختلف

الرسم كان احد هواياتي
كنت أعجب جداً بالرسوم الجميلة سواء في مسلسلات الكرتون أو في المجلات
كنت في البداية أحاول نقل الرسوم من المجلة بوضع ورقة شفافة فوق المجلة ورسمها
كانت النتيجة خطوط متعرجة

أصبحت أركز على كل تفصيل على حدة
فمثلاً انف ميكي الأسود ارسمه كالكرة ألونها بالأسود واترك نقطة بيضاً دليلاً على اللمعان
ثم اخذ التفصيل الثاني العينان ثم الفم والأذنان الكبيرتان وهكذا
في النهاية أجد ميكي
لكن ليس مثلما هو في الحقيقة

تعلمت أيضاً رسم سبانك والسنافر
ساندي بل وسوسن كانتا تسحرانني بعينيهما الكبيرتين
حاولت واكتشف السر فيهما فأصبحت محترفاً في رسمهما وهن يغمزن بإحدى عينيهن
أما دايسكي وكوجي فكنت ارسمهما بإسلوب مختلف فالحاجبين يتطلبان عناية خاصة
أما علي بابا من مسلسل سندباد فكنت ابهر الطلاب بالمدرسة برسمه خاصة مع تغطية إحدى عينيه بشعره وابتسامته الخبيثة التي كنت اعتبر رسمها سراً من الأسرار

في فترة ما أصبحت اصدر مجلتي الخاصة
مجلة عبارة عن عدة صفحات اكتب القصص فيها وارسمها بنفسي
مجلة من نسخة واحدة والقراء محدودون من إخوتي فقط
كتبت الكثير من القصص واخترعت شخصيات من مخيلتي
حتى طورت بعض القصص إلى روايات كاملة وصلت إحداها إلى مائة صفحة
وجميعها متأثرة بجو الأنمي والقصص البوليسية